الخميس، 10 نوفمبر 2011

اليمن ومعادلة الثالوث الأحمر



لقد ترددت كثيرا بالكتابة بالشأن اليمني وما ذاك إلا لأنني كنت مؤيدا للرئيس اليمني في خطواته الوحدوية في التسعينات وبعد ما سمي بحرب الانفصال وقمت بزيارة صنعاء وعدن وباقي المدن اليمنية عدة مرات ونشرت حول هذا العشرات من المقالات والدراسات ، إلا أن مشاهد الدم المسال في اليمن وما وصل إليه الحال في أرض السعيدة دعاني للكتابة من جديد عن اليمن وأحوال أهلها من الشمال للجنوب . 
وأقول : عندما بدأت الثورة اليمنية السلمية واعتصم المواطنون مطالبين بالإصلاح ثم برحيل النظام كان هناك فريقان الأول يمثل الشعب أو أكثره والثاني السلطة ورموزها مثلهم في ذلك مثل كل الثورات القديمة والحديثة والتي ستأتي .. إلا أننا فوجئنا بانشقاقات تبدو للوهلة الأولى عجيبة جدا بل ويرى العديد من العارفين والمحللين للشأن اليمني أنها انشقاقات مريبة وهدفها تشتيت الثورة الشعبية . أي بمفهوم آخر سواء كانت هذه الانشقاقات حقيقية أو مفبركة أو وليدة الأحداث على مبدأ "أنقذ نفسك قبل أن يأخذك الطوفان" إلا أنها تضع عراقيل أمام الثورة وتحول مسارها السلمي إلى اللاسلمي وهو ما حصل عندما أعلن الشيخ صادق الأحمر الانضمام للثوار ، وكذلك علي محسن قائد الفرقة الأولى ولا أدري أنا ولا جميع المراقبين سر هذا الانشقاق من أبناء العائلة الحاكمة الواحدة فهل كان "علي محسن الأحمر" مهضوم الحقوق وحبيس البيت قبل الحراك الشعبي حتى يعلن انشقاقه .. أم هل يتوقع أن يستلم هو زمام الأمور كي لا تخرج الرئاسة من عائلة الأحمر؟ ثم الشيخ صادق إذا كان فعلا يؤيد مطالب الشعب وانضم إليهم لماذا يلجأ للسلاح في عملية أشبه بالمسرحية منها إلى الحقيقة فلا السلطة قادرة عليه ولا هو قادر على السلطة وشغلوا الناس والمعتصمين بقصصهم وخلافاتهم والتي أظهروها على أن الطرف الأول يدافع عن الشرعية والطرف الآخر يدافع عن الثورة بينما الطرفان يراوغان ويستبيحان الدم اليمني ولا علاقة لهذا أو ذاك بالحراك الشعبي .
لقد وصل الرئيس اليمني إلى حافة الموت ثم رجع بعد شهور من العلاج ليمارس نفس الأسلوب في الرد على المبادرة الخليجية محاولا كسب المزيد من الوقت ، ولكنه هذه المرة مستخدما السلاح وضاربا بعرض الحائط كل تعهداته بترك السلطة .. ولا شك أبدا أن النظام وعلى رأسه الرئيس علي عبد الله صالح يحاول اللعب بذكاء وحكمة استخدمت في غير محلها فهو قد أمسك بعدة أوراق يظهرها الواحدة تلو الأخرى حسب الزمان والمكان ، والذي يميز موضوع اليمن عن غيره هو تلك الإصابات التي وقعت للرئيس في محاولة اغتياله والتي على ما يبدو محاولة من أقرب المقربين منه لإنهاء الحراك الشعبي والثورة بموت الرئيس فقط والحفاظ على النظام وغالبا هذا ما تريده القبيلة أو العائلة والمقربون والأقربون من رؤوس النظام محاولين بذلك إنقاذ النظام بموت الرئيس وهي سابقة لم تحدث من قبل في أي دولة ولو نجحت لأخذوا عليها براءة اختراع إلا أن الأقدار بيد الله لا بيد البشر. شخصيا وحسب ما عرفنا الرئيس اليمني خلال مقابلتي له في صنعاء وعدن قبل سنوات طوال وحسب ما نسمع ونقرأ عنه سابقا توقعنا أن لا يعود إلى اليمن من رحلة علاجه بالسعودية وتوقعنا أن يعلن راضيا تنازله عن السلطة كشكر لله تعالى الذي أنجاه من الموت وأوضح له الصورة أمام عينيه ، فالذي حاول قتله وقتل من معه من أقرب الناس إليه ومن الثقات عنده وإلا لما استطاع زرع القنبلة في مسجده . أما المساكين الذين يفترشون الأرض معتصمين بالساحات فلا يد لهم في محاولة الاغتيال ، بل هم الآن تائهون ويراقبون الأحداث كما لو أنهم ليسوا طرفا فيها والأمر يتجه على شكل صراع على السلطة بين الرئيس وعلي محسن ، يعني بين عائلة واحدة من قبيلة واحدة وما على الشعب إلا انتظار النتائج ، أو على الأقل هكذا أراد الرئيس للأمر أن يبدو وهكذا نفذ علي محسن الأحمر ما أراده الرئيس ، وانضم الشيخ صادق ليشكل "الثالوث الأحمر" في المعادلة اليمنية ويبقى أن الأحمر الصحيح في الأمر برمته هو لون الدم اليمني الذي سال ولا يزال يسيل على أرض اليمن .

د. رشيد بن محمد الطوخي

هناك تعليق واحد:

  1. تحليل مثير للاهتمام فعلا ، نسأل الله تعالى الخير لأهلنا في اليمن

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.