الاثنين، 29 أبريل 2013

دوما .. قصة مدينة منكوبة


بقلم : د. رشيد بن محمد الطوخي

مدينة دوما او مدينة المآذن ، عاصمة ريف دمشق واكبر مدن الريف السوري تعدادا للسكان . لم يكن حقد النظام السوري على المدينة وليد الاحداث او الثورة بل هو منذ عشرات السنين وذلك لعلم النظام بالتركيبة السكانية والاجتماعية والثقافية للمدينة تماما مثل حقده على مدينة حماة وقمعها بين الحين والآخر ،ومن يرى دوما الان لايعرفها وهي التي كانت واحة الغوطة ومركز خيرات الشام ، ولن اتحدث في مقالي هذا عن تاريخ المدينة فقد سرده الكثيرون وسجلته امهات الكتب والمراجع عبر فترات متتالية من الزمن ، ولكني سأذكر للقراء الاعزاء ان مخطط تدمير المدينة كان معدا قبل اندلاع الثورة بسبب توجهها الديني واستعصائها على التشيع خاصة وان المراجع الدينية في ايران اعطت الضوء الاخضر لتخريب دوما وبعض مدن حماه وريف حمص وقرى عديدة وهي التي فشل بها المبشرون الشيعة على مدى سنوات من العمل ، ويذكر التاريخ القريب جدا ان احد آيات ايران عندما فشل في اقامة حسينية للشيعة في دوما وكذلك لم يستطيع القاء دروسه التبشيرية فيها قال : سندخلها كشيعة على انقاض وجثث اهلها " هذه المقولة وجدتها في اكثر من موقع وذكرها لدينا الثقات " وايضا كلنا يذكر كيف ان دبابة دخلت دوما في بداية الاحداث وقد كتب عليها "ستبكي عليك بابا عمرو يادوما " ووقتها كانت المجازر الكبرى تتم في حمص والشمال فلماذا هذا الاعداد المسبق لتدمير دوما قبل ان تقترف المدينة مايستوجب الازالة ؟ . دوما مدينة الاباء والرجولة والشهامة والكرم يعرفها كل من زارها وكل من تعامل مع اهلها ، لم يستطيع النظام ان يغير شيئا كثيرا من طبائع اهلها وعاداتهم وطيبتهم على مدى سنوات من المحاولة ، متدينة وملتزمة ولها ثوابت واسس ، من عاش فيها لزم طريق الادب والصواب وتعلم سلوك الرجال ، تجمع بين الريف والمدينة كما تجمع بين العلم والعمل ، رجالها جبال شامخة ونفوس ابية وتضحيات متواصلة ، ونساؤها حرائر واخوات الرجال ، واطفالها مشاريع رجولة لاتتوقف ، كانت اول من ضحى في دشق ودم اهلها اول دم سال في الشام ولهذا سارع النظام الى تنفيذ مخططه فيها فدمر بنيانها واهدر دم اهلها واعمل فيهم القتل والتشريد ، صغيرهم قبل كبيرهم ، ونسائهم قبل رجالهم ، واطفالهم قبل عجائزهم ، لم يسلم من رصاص حقده لاشيخ ولا عجوز ولا امرأة ولاطفل رضيع ولم تسلم حتى الدواب والحيوانات ، وكأنها "وصية شارون في اطفال غزة " دوما الان مدينة منكوبة ، مهجورة ، مدمرة ، لاحياة فيها ، تتشح بالسواد العام ومع هذا لايزال النظام يخشى حتى من مقابرها ، فقصف الاموات خوفا من عودتهم للحياة ورعبا من مقولة ان " في دوما الثأر لايموت " .

تحية لدوما ولكل المدن السورية


بقلم : د. رشيد بن محمد الطوخي
منذ أيام أخبرني صديق يقيم في دبي أنه اجتمع في أحد الفنادق مع مجموعة من الأصدقاء بوفد أمني روسي يزور الإمارات " حسب قوله " وقال أن أحد أفراد الوفد تكلم بحرية عندما تطرقوا إلى موضوع سورية ومذابح النظام وما شابه وتوقف عند ذكر مدينة دوما وقال أن هناك مخطط لإزالتها من الوجود وأن هذا المخطط قد أعد مسبقا لكونها في قلب العاصمة وسيطرة الثوار عليها يعني سقوط دمشق ، هذا جزء مما قاله الدب الروسي وما نقله لنا أحد المستمعين وقد سرب الخبر إلى عدد من وسائل الإعلام وبغض النظر عن كل أقوال هذا الدب وبقية القطيع الذين يرافقونه فإنني أقول هنا : إن مدينة دوما الصامدة مثلها مثل كل المدن والقرى السورية قدمت ولا تزال العديد من الضحايا الأبرياء الذين يسقطون يوميا برصاص الغدر وقذائف الخيانة وطيران الحقد ، ولكنها كانت ولا تزال صامدة صمود الجبال بوجه هذه المحنة التي نتمنى أن تزول سريعا لتشرق في ربوع سورية كلها شمس المحبة والسلام والحرية المنشودة . إن دماء الشهداء الأبرار الذين سقطوا في ربوع دوما لا تقل طهارة عن دماء شهداء بقية المدن السورية بل كلهم إن شاء الله في عليين عند مليك مقتدر . فهذه الدماء هي التي تسطر الآن تاريخ سورية الحرة ، وهي التي تكتب بأحرف من نور صفحات العز والمجد لهذا الشعب الذي أثبت للعالم أنه طالب حرية مهما كان ثمنها ، وما يقال عن تدمير دوما ومسحها من الوجود إنما هي أحلام وتخيلات للنظام الحاقد يحاول أن ينفذها ويبث الرعب في قلوب أبناءها ولكن هيهات له ذلك ففي دوما {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} ، وفي دوما كما في المدن الأخرى شبان وضعوا أرواحهم على أكفهم ليقدموها قربانا للحرية المنشودة .. تحية لكل السوريين الشرفاء أينما كانوا وألف تحية لدوما وبقية المدن السورية .

الأخوان المسلمون العرب وأوجه الخلاف بينهم


بقلم : د. رشيد بن محمد الطوخي
لا شك أن الربيع العربي الذي حقق هدفه في بعض الدول العربية ولا يزال يسعى في بعضها الآخر قد صعد من نجم الاخوان المسلمين كحركة شعبية لعبت دورا هاما في تلك الدول وخاصة في مصر حيث استطاعت جماعة الاخوان المسلمين الوصول إلى منصب الرئاسة في لعبة سياسية شعبية شائكة ضبطت حلقاتها بإحكام مع كل ما واجهته من تحديات داخلية وخارجية .. ولا شك أيضا أن التعطش الشعبي للدين والرجوع للعقيدة والتيار الإسلامي لعب دورا هاما ورئيسيا في وصول تلك الجماعة إلى سدة الحكم خاصة مع ما كانت شعوب المنطقة تجده من معاناة واضطهاد على يد الحكومات والأجهزة الأمنية السابقة إلا أن المراقب لتسلسل الأحداث يجد أن الأهواء الشعبية والعواطف الإسلامية العامة ستجد صعوبة في فهم الواقع السياسي المعقد فليس بالضرورة إذا وصل رجل إسلامي إلى سدة الحكم أنه يستطيع أسلمة كل شيء وتغيير أسس وقوانين أقيمت عليها الدولة منذ عشرات السنين كما أن التحالفات الدولية والاتفاقيات الرسمية لا تسمح بالتغيير الجذري مطلقا وسوف يجد الرئيس نفسه أمام مفترق طريق ، إما العواصف العاتية أو السير مع التيار ، وفي كلتا الحالتين سيخسر الدعم الشعبي أو ما يسمى بعامة الناس الذين يطلبون منه المستحيل ويراقبونه ولا يمنحون في أحسن الأحوال فرصا كافية لتحقيق أي هدف وهو ما حدث في تونس "النهضة" وما بدأت بوادره تظهر في مصر "الإخوان" وهو نفس السبب الذي تتأخر الدول الغربية لأجله بتقديم الدعم لثوار سورية فهم يخافون من صعود نجم الاخوان ووصولهم إلى سدة الحكم في سورية ايضا ، إلا أن المهتمين بالشؤون المصرية يرون أيضا أن ما يقال عن أسلمة القوانين أو حتى أسلمة المناصب في مصر بعيد المنال من جهة وغير مطروح أصلا على طاولة التغيير والإصلاح وما شابه من جهة أخرى ، بل على العكس تماما هم يرون أن مصر الآن لا يحكمها الإسلاميون بالمعنى الصحيح فهاهي جميع المطالب التي كان الشعب يطالب بها لم تتحقق وكل ما في الأمر ان مبارك تنازل عن الرئاسة تحت ضغط شعبي ليصعد مرسي لهذا المنصب وإن اختلفت الطرق. فمثلا لم يتم قطع العلاقات مع إسرائيل ، ولم يفتح بعد معبر رفح بالمعنى المطلوب وعلى عهد مبارك كانت الانفاق تغلق والآن الانفاق مع غزة تنسف . أيضا رسائل مرسي مع الكيان الصهيوني والتي أحدثت ضجة ورد فعل شعبي كبير ، والعلاقة مع امريكا التي لم تتغير ، ولم يطرد السفير السوري من القاهرة بمعنى إغلاق السفارة السورية وكما أنه ليس هناك اعتراف رسمي لا بالجيش الحر ولا بالمجلس الوطني ولا بكل أطياف المعارضة السورية. ثم إن العلاقات مع إيران تحسنت بشكل ملحوظ ومنذ اليوم الأول لفوزه بالرئاسة طمأن مرسي إيران على العلاقة المستقبلية ، وبعد استلامه بأيام افتتحت أول حسينية بمصر ! ومن ثم أيضا الحملات الأمنية على التيارات الإسلامية مع اختلاف التسمية من تيارات متشددة إلى خلية نصر وغيرها . ولهذا فإن الغرب مطمأن تماما لنظام الحكم في مصر ويرى أنه لا يختلف كثيرا عن سابقه إلا بالشكل والأسلوب فالرئيس مرسي يستطيع أن يحضر الصلوات في المسجد وأن يخطب في حلقات شعبية وأن يتقرب إلى الجماهير بأسلوب شعبي وليس رسمي وهذا ما لا يجيده مبارك ، وخلال أشهر قليلة وهي عمر حكم الرئيس مرسي بكى أكثر من 3 مرات كما رصدته الكاميرات الرسمية وأيضا بكى في مكة من الخشوع وهذا هو ما يريده الناس .. رئيسا شعبيا بعيدا عن الرسميات والتعقيدات ولكن هذا الذي يحبه الشعب يريدونه إلى جانب خطوات عملية يطلبونها ولم تحصل ، أذكر أنه في بداية تسلمه لمنصبه قال أنا لا حراسة لدي وفتح جاكيته ليرى الناس أنه لا يلبس واقي رصاص وأن كل الذين كانوا حوله لا يتعدون 4 أشخاص ولكنه قبل أسبوعين عندما ذهب إلى أسيوط كانت ترافقه فرقة حراسة قوامها 600 عنصر وهم مكلفون بحمايته فقط عدا عن أمن أسيوط وشرطتها المختلفة هذا مانشرته وقتها وسائل الاعلام المصرية  . إذن بدأت الأمور في مصر تأخذ منحنى آخر غير الذي قامت من أجله الثورة ، طبعا عدا عن مشكلة النائب العام الذي بقي في منصبه رغم المطالب الشعبية بإقالته ، وأيضا الحملات الأمنية ضد الإسلاميين والتي اتسمت بالشدة وخطاب الرئيس مرسي في اسيوط والذي كان يحتوي على عبارات تهديد ووعيد . هذا على الصعيد المصري أما في تونس فها نحن نرى كيف أن التصادم بين السلفيين والشرطة يوقع القتلى والجرحى رغم أن حزب النهضة هو الحاكم الفعلي لتونس ومع ذلك سالت الدماء الآن بينهما ووحده الله سبحانه وتعالى الذي يعلم ما تخبئه الأيام القادمة لتونس . وفي اليمن لم تسفر قيادة الإصلاح لأحزاب المشترك وكذلك للاعتصامات بأنواعها وللمعارضة المختلفة إلا عن مزيد من الانشقاقات وعدم الاستقرار فها نحن نرى بعد صالح أن اليد الطولى الآن في اليمن ليست لمن قاموا بالثورة بل للحوثيين في بعض المناطق وللذين يسعون للانفصال في مناطق أخرى وللقاعدة أيضا التي تفتعل الأحداث في عدة مدن ولغيرها ولم نرى للإصلاح أي برنامج إصلاحي مما كانوا ينادون به ليل نهار .. فأين الخلل إذن في عمليات التحول العربي ؟ المواطن الذي استرخص روحه ودمه ودماء أهله لنيل الحرية في هذه الدول لم يكن يعلم أن من يقوم بالثورة أناس ومن يقطف ثمارها أناس آخرون ، وأن ركوب الموجات المختلفة سواء كانت حزبية أو اجتماعية أو دينية إنما هو ضياع للأرواح التي أزهقت لأن المقصود بالتغيير هو التغيير الشامل نحو الأفضل وليس التغير السلبي ، فنحن نرى الآن أن التيار الذي ينادي بعودة مبارك أو على الاقل يعدد مزاياه وحسناته يزداد يوما بعد يوم وتختلف أساليبهم فلماذا ؟ وفي تونس الآن كثيرون يقولون ان عهد زين العابدين أفضل من الآن ، وأما اليمن فلا شك أن فئة كبيرة من الناس لا تزال ترى في صالح رئيسا لها وكأن شيئا لم يكن ، ولهذا فالأمر يستدعي الدراسة والتأمل والتفكير مليا فيما بدأت به الثورات وفيما وصلت إليه ، ومن السبب في وصول تلك الثورات ونتائجها إلى هذا الحال وهل حقا هم الأخوان المسلمون ؟ وهنا أقول : لا شك أن الأخوان المسلمون ليسوا قيادة واحدة في كل الدول حتى وإن تشابهت أسماءهم وأفكارهم وإنما هم أحزاب مختلفة وقد تكرس هذا الاختلاف منذ أن احتل صدام حسين الكويت حيث ظهر هذا الانقسام والاختلاف إلى العلن وانفصلت قيادة الاخوان في الكويت وباقي دول الخليج عن القيادة المصرية ، ولا شك أيضا أن التحديات التي تواجه الاخوان في العديد من الدول العربية ليست متساوية ، ففي الوقت الذي كان أعضاء الأخوان في سورية يواجهون الإعدام لمجرد الانتساب للاخوان كان اخوان مصر لهم الحرية المطلقة في الساحة السياسية المصرية . نعم ففي عهد مبارك لم يكن الاخوان المسلمون محظورون عمليا من العمل السياسي وكان لهم حضور شعبي ورسمي ولكن كان لنشاطهم حد وسقف إلا أنهم موجودون ومقراتهم معلومة ولهم اتصال مع أجهزة الدولة كجماعة كبيرة وفعالة على أرض الواقع ، وفي اليمن كان حضورهم في عهد الصالح قوي ومشارك أحيانا في صنع القرار ولهم اليد الطولى في كثير من الأوقات وما انضوائهم تحت المشترك إلا لأنهم لم يحصلوا على كل ما يريدون بل على أغلب ما يريدون ، وهنا الفارق بين الأخوان كتنظيم مصري أو يمني وبين الأخوان المسلمين السوريين .. ففي الوقت الذي كانت فيه المشانق تنصب للأخوان في سورية والمعتقلات لم تعد تتسع والمجازر في كل المدن سرا وعلانية ؛ كانت قيادات الأخوان المسلمين من الدول الأخرى كمصر واليمن وغيرها مرحب بها وعلى علاقات جيدة بالنظام السوري والإيراني ، وكم من تصريح للاخوان المسلمين في مصر يؤيدون فيه إيران وحزب الله ؟ بل كم مسيرات شعبية ومهرجانات وخطابات رفعوا فيها أعلام حزب الله واعتبروا أنه لا فرق بين سني وشيعي في العمل الإسلامي ؟ وهذا الكلام يشمل أيضا أخوان فلسطين "حماس" وإن كانت لهم ظروف تختلف عن غيرهم بحكم عدم الاستقرار واحتلال الأرض وحربهم مع عدو تاريخي للأمة . ونستطيع القول أن قيادة الاخوان المسلمين في سورية لا تتشابه مطلقا مع مصر أو اليمن أو حتى تونس وإن اجتمعت وتشابهت في العواطف والاتجاهات والسبب الرئيسي لذلك هو تقارب الآخرين مع النظام السوري في السابق ، والتي قادت هذا التقارب تدريجيا هي إيران بحكم العلاقة المميزة مع سورية ، فكيف يجتمع النقيضان؟ وأيضا حتى الآن لا نرى بيانا واضحا من الاخوان المسلمين في مصر يندد بإيران أو بالممارسات الإيرانية في سورية أو يندد بحزب الله وأعماله أو حتى يوضح للناس الحقائق فلماذا ؟ أليسوا الآن على قمة السلطة بمصر؟ ما الذي تغير في مصر وخاصة في مطالب الثورة الأساسية التي أوصلتهم الى سدة الحكم ؟ ماذا فعلوا؟ وما الذي تغير في حياة المواطن المصري؟ حتى الآن لا نرى إلا وعودا مع مهرجانات خطابية ودموع أثناء الصلاة وتجييش للعواطف الإسلامية ، وأما خطوات على أرض الواقع فلا يوجد "حاليا على الأقل" ، وما كان يحصل في السابق يجري الآن وعلى أضعاف ما كان في عهد مبارك .. الاعتقال والملاحقة وقوائم الممنوعين وقوائم المطلوبين والحظر والمصادرة والاتهام والخلايا النائمة والتي قد استيقظت وخلية سيناء وخلية نصر ومحاولة انقلاب وزعزعة أمن .. وكل هذه الاسطوانة كانت في العهد السابق وهاهي تعود من جديد فأين التغيير ؟ أما في سورية فالأمر يختلف تماما سواء كانت قيادة الثورة للاخوان أو لغيرهم لأن ما يواجهه الشعب هناك هو إبادة حقيقية واضحة للعيان وقتلى بالمئات يوميا وخطر التقسيم ومؤامرة كبرى ضد الشعب لأن لسورية وضع خاص وإلا لماذا جن جنون موسكو وبكين على سورية ولم نشهد هذا الجنون عندهم في ليبيا أو تونس أو اليمن أو حتى مصر ؟ ولماذا تصمت امريكا والغرب على ما يجري وهي في العادة تريد اي سبب للتدخل في دول المنطقة فلماذا لم تتدخل في سورية؟ هل فعلا تحتاج إلى قرار أممي أم أن ما يقوم به بشار وجنده يفوق عشرات المرات ما كانت أمريكا تنوي فعله في سورية ؟ الاخوان المسلمون في سورية مصدومون من مواقف نظرائهم في مصر ولكنهم كانوا يتوقعونه حسب قراءتهم للمعطيات السابقة وهم كغيرهم من الاحزاب السورية لا يراهنون إلا على الشعب لأن هذا الشعب هو الذي يصنع الحرية الآن بدمه وروحه ولعل أجمل كلمة قرأتها منذ أيام هي أن من يحكم سورية هو من يحررها.

الأربعاء، 17 أبريل 2013

سورية والبعثات الدبلوماسية في ظل الأزمات الراهنة ... تهديد وتخبط وعدم اتزان



الوضع الفعلي داخل سورية له تأثير واضح وكبير على تصرفات السلك الدبلوماسي

د. رشيد بن محمد الطوخي في لقاء خاص بمكتبه في بروناي دار السلام

بقلم : د. رشيد بن محمد الطوخي

لا شك أن الأزمة الشديدة التي تعيشها سورية حاليا أوجدت تحولا شديدا لدى الدبلوماسية السورية وموظفي السلك الدبلوماسي عموما حيث بات التخبط وعدم الاتزان هو السائد في معاملة تلك الشريحة من الموظفين الرسميين للمواطن بل زد على ذلك أسلوب التهديد وعدم الاهتمام من ردود الفعل المتوقعة من الخارجية بسبب الانفلات الأمني والتسيب الوظيفي وما شابه ، فالثورة السورية التي دخلت عامها الثالث أوجدت شريحة من الدبلوماسيين أقل ما يقال عنهم أنهم منتفعون من الوضع الراهن فلا هم أحسنوا الأداء وكسبوا الرهان وأثبتوا أن أزمة الداخل السوري لا تنعكس سلبا على أخلاق الدبلوماسي في الخارج ولا هم تركوا مناصبهم لمن هم أحسن حالا وألطف معاملة وربما أجدر وظيفيا .. وما ذاك إلا لانشغال الوزارات والجهات المسؤولة في سورية بالقتال الدائر هناك وترك تقدير الأمور الخارجية للموظفين الدبلوماسيين كل في موقعه ، وهنا لابد أن ندرك أن تصرفات الدبلوماسي تجاه المواطن السوري خاصة في ظل الأزمة تعكس نفسية الاول وتعبر عن شعور الاخر ، فهي تعكس نفسية الموظف الذي وجد فرصة في عدم المساءلة ليزداد بطشا وظيفيا ويزداد سوءا على سوء ، وثانيا شعور المواطن الذي ازداد قناعة أكثر من ذي قبل أنه لابد من الثورة طالما أن هذه هي أخلاق ومعاملة الموظفين الرسميين في الخارج وبهذه الحالة يكون الدبلوماسي قد أساء لوطنه ومواطنيه ولحكومته التي يخدمها من حيث يدري ومن حيث لا يدري . وقد قابلت عشرات المواطنين السوريين في دول المنطقة فلم أجد شخصا واحدا أثنى على الموظفين الدبلوماسيين ولو بكلمة مجاملة بل العكس تماما فلكل مراجع منهم قصته الأليمة مع السفارة ، ولنأخذ اندونيسيا على سبيل المثال فالمعروف أن القنصل ومعه القائم بالأعمال استخدما مؤخرا أسلوب التهديد والوعيد ضد كل السوريين المقيمين هناك واعتمدا في ذلك على بعض الشبيحة السابقين للسفارة والمعروفين لأبناء الجالية حتى ان بعض السوريين في اندونيسيا عالقون منذ اشهر طويلة بانتظار منح جواز سفر او انجاز معاملة لاتستغرق في اكثر احوالها عن ساعتين فقط ، وزد على ذلك أن السفارة في جاكرتا أصبحت هي المسؤولة عن تسيير شؤون السوريين المقيمين في أستراليا بعدما أغلقت الخارجية الاسترالية السفارة السورية لديها مما جعل دائرة  تسلط القائم  بالاعمال ومعه القنصل تتسع اكثر واكثر . وأما في ماليزيا حيث القانون هو السائد ولا مجال للشبيحة أو النبيحة فقد مارست الموظفة المسؤلة أسلوب تعطيل المصالح والإضرار بالمراجعين من خلال تكليف المواطن بطلبات أقل ما يقال عنها أنها تعجيزية معتمدة على صلاحيات مستمدة من خلفيتها الطائفية فهي تمارس عمل القنصل الغائب الذي انشق مؤخرا رغم عدم كفاءتها أكاديميا لهذا المنصب وحتى الآن لا أحد من المقيمين في ماليزيا يعلم من هو صاحب الكلمة في السفارة إذ أن جميع التقارير تفيد أنها تفرض سيطرتها بحكم الطائفية والعلاقة الجيدة مع الأجهزة الأمنية في سورية . ولنتحدث عن الصين أيضا ؛ فمنذ إعلان الملحق الدبلوماسي "هدى أورفلي" انشقاقها وموظفو الأمن في السفارة السورية ببكين يراقبون كل صغيرة وكبيرة وكل شاردة وواردة تخص الدبلوماسيين وزد على ذلك أنهم يتحكمون في المعاملات ويرفضون حتى تنفيذ أي أوامر تصل من دمشق لصالح أي مواطن لا يكونون هم أنفسهم راضون عنه كمنح جواز سفر أو تمديد أو إعطاء كتاب بعثة طلابية أو ما شابه ، ومؤخرا تم تهديد عدد من الطلبة السوريين في عدد من الجامعات الصينية بقطع كل ما يمت لهم من صلة مع سورية وإلغاء المنحة أو الابتعاث الرسمي والطلب من السلطات الصينية إبعادهم في حال نظموا أية مهرجانات أو تجمعات مؤيدة للثورة السورية . والسفارات السورية في الهند وباكستان وروسيا وكذلك الملحقات الدبلوماسية والقنصليات في الفلبين وتايلند وغيرها ليست أحسن حالا مما ذكرنا ، ويبدو أن الخارجية السورية أدركت ذلك مؤخرا وحاولت جمع الأوراق وترتيب الأمور من جديد إلا أن الوضع الفعلي داخل سورية له تأثير واضح وكبير على تصرفات السلك الدبلوماسي ، ومؤخرا أصدرت الخارجية السورية تكليفات رسمية لعدد من سفاراتها بالخارج لتسيير شؤون المواطنين في دول أغلقت فيها السفارات السورية بسبب الأحداث إلا أن الخارجية السورية لا تزال عاجزة عن السيطرة الفعلية على تصرفات الموظفين الفردية والتي تمس مصالح المواطن السوري رغم كل القرارات التي صدرت ولا تزال تصدر يوميا بشأن إتمام معاملات المواطن السوري بغض النظر عن أفكاره وميوله السياسية وطائفته  وهي الأهم .