الأحد، 13 مايو 2012

صناعة الفتنة


بقلم : د. رشيد بن محمد الطوخي
 
 كثيرون هم الذين يعتقدون أن الفتنة بأنواعها فن ، وأن الذين يسعون في الأرض بالفتنة بين الناس أو المجتمعات إنما هم مذنبون فقط مثلهم مثل باقي معاشر المذنبين ، وهذا خطأ شائع إذ أن الفتنة على الإطلاق إنما هي صناعة متقنة ومهنة معتمدة لها الكثير من الأتباع والمريدين ، و" شيخ كار" هذه الصناعة هو إبليس عليه لعنة الله ، فهو أول من أسسها واعتمدها وعلم أولاده وأتباعه ومحبيه عليها ، فازدهرت وتفرعت وتطورت حتى غدت مهنة الزعماء والرؤساء والأحزاب والتنظيمات ، ولا أقول كلها بل معظمها وأغلبها .. وقد تتغير أمم وشعوب ومناطق وقبائل ومجتمعات وأسر بأكملها جراء الفتنة ، وقد تمتد آثارها سنين وعقود وحقب ودهور، وقد تكون سببا في تحريف الدين والعقيدة والمذهب ، وكذلك سببا في الانقسام والتناحر والتنافر وأخيرا الاقتتال والموت كل في سبيل ما يعتقد أن الصحيح أو الأصح ، ومثل باقي المهن والكارات والصناعات فإن للفتنة من يجيدها أفضل من الآخرين ومن يتقنها أحسن وأقوى من غيره ، فلكل مهنة معلم وأستاذ وتلميذ ومريد ، وللفتنة أيضاً أساتذة لا يعلو عليهم أحد في صناعتها إلا مثلهم الأول ومعلمهم الأكبر "إبليس لعنة الله عليه " ومن هؤلاء القوم "اليهود" الذين برعوا في صناعة الفتنة وافتتحوا لها مدارس خاصة ومعاهد امتدت لتشمل عدة دول كان نفوذهم فيها كبيرا وكانت تلك مهنتهم منذ الأزل يسيطرون فيها على باقي الشعوب لتبقى كلمتهم هي الأقوى فيفرقون بين الناس وبين أتباع الدين الواحد بالفتن ويصبرون ويخططون ويعملون ليل نهار لتحقيق ما يريدون . إن المطلع على التاريخ يجد أن اليهود وراء كل مصائب البشرية حتى الآن فهم وراء قتل الأنبياء والرسل وهم وراء تفرق الأمم منذ الأزل ، وقد برعوا تماما في صدر الدعوة الإسلامية فلم يجدوا مدخلا لمحاربة الإسلام إلا من خلاله فدخلوا الإسلام منافقين ونهلوا من العلوم الإسلامية كذابين ثم انتحلوا صفات المشيخة والعلم والسيادة الدينية محتالين وأروثوها أبنائهم وأحفادهم لتبقى مذهبا وعقيدة يؤمن بها المئات والألوف والملايين ، ولكل المهتمين نقول راجعوا سير المؤسسين للأحزاب الدينية والمذاهب العقائدية التي ظهرت بعد وفاة الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم ، وابحثواجيدا عمن وراء الفتنة الاسلامية الاولى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ، ثم ماتلا ذلك من تبعات ليومنا هذا ، وراجعوا أيضا السير الذاتية لمؤسسي الأحزاب السياسية المشبوهة  التي ازدهرت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي . إن الحديث عن الفتنة وأدواتها طويل وكبيرفهي علم واسع وصناعة متقنة عافانا الله واياكم من عمالها واتباعها   .